درب التبانة: الماضى والحاضر والمستقبل !

المجرة عبارة عن تجمع هائل ومركز للشموس، ويوجد لها نوعين رئيسيين: البيضوي والحلزوني. هذه الانواع جرى اكتشافها في العشرينات من القرن الماضي من قبل عالم الفلك المشهور Edwin Hubble. الملاحظات الكونية اظهرت وجود العديد من المجرات واغلبها تصنف في قسم المجرات القزمة. التقديرات الرياضية تشير الى ان هناك حوالي 1000 بليون مجرة. ولكن إذا ظهر ان الكون لانهاية له فأن عدد المجرات ايضا لانهاية له. مجرتنا تسمى درب التبانة، milky way وهي ثاني اكبر مجرة في منطقتها.

مجموعتنا الشمسية احدى المجموعات في مجرة التبانة التي تملك حوالي 200 مليار نجمة وقطر المجرة يصل الى حوالي 100 الف سنة ضوئية ووزنها يعادل 1000 مليارد وزن الشمس، واقرب جار اليها هو مجرة Sagittarius و السحابة الكونية Magellanska. تعتبر مجرتنا من اكبر المجرات في المنطقة ولايتجاوزها في الحجم الا مجرة واحدة. تتألف مجرة درب التبانة، حسب مانعلمه اليوم عنها، من اربعة اجزاء، المنطقة المركزية الكثيفة، الصفيحة المجرية التي تحوي الاذرع الحلزونية ، القبة البالونية المحيطة بالصفيحة والتي تبدو مظلمة بالرغم من انها تحوي على اقدم النجوم، واخيرا الامتدادات مابعد القبة المجرية.

يبلغ قطر المنطقة المركزية حوالي 20 الف سنة ضوئية وهي منطقة من الصعب رؤيتها لكونها مختبئة في غيوم كثيفة من الغاز والغبار الكوني. ولكن نعلم ان اغلب النجوم في هذه المنطقة من النجوم القديمة، ولهم من العمر حوالي 10 مليار سنة او اكثر، كما ان المنطقة كثيفة النجوم للغاية. في منتصف المنطقة المركزية يوجد ثقب اسود كبير تبلغ كثافته 2،5 مليون مرة كثافة شمسنا.

مجموعتنا الشمسية تقع في الصفيحة المجرية وتبعد حوالي 27 الف سنة ضوئية عن المركز. في الصفيحة نجد ايضا خمسة اذرع هائلة للمجرة، هناك حيث تولد النجوم الجديدة بإستمرار. تعتبر شمسنا التي تبلغ من العمر 4،5 مليار سنة واحدة من بين النجوم المتوسطة العمر.

غالبا ينظر المرء الى مجرة درب التبانة على انها صفيحة كبيرة تدور حول مركزها. نحن لاننتبه الى قبة هائلة تعتبر ايضا جزء منها، وهي تظهر وكأنها مساحة فارغة على الرغم من انها تحتوي على العديد من النجوم المظلمة والقديمة من كل الجهات.

بعد القبة المجرية المظلمة تبدا منطقة اخرى لها كثافة اكبر من كثافة مجرة التبانة بأكملها. لااحد يعلم من ماذا تتألف هذه المنطقة حتى الان لكون لااحد تمكن من رؤيتها. وبسبب عدم وجود مصادر اخرى للمعلومات قام العلماء بوضع استنتاجات عن طبيعة هذا الوجود من خلال قوة تأثير جاذبيته على المجرة.

هذه المنطقة الرابعة هي التي تملك مفتاح توضيح سبب وكيفية نشوء مجرة التبانة، ولكشف هذه الخفايا يحتاج المرء الى القيام بأبحاث وتحقيقات تشبه عمل التحقيقات الجنائية لاكتشاف الجريمة.

الدليل الاول المستخدم لمعرفة تاريخ نشوء مجرة درب التبانة هو عمر النجوم، حيث ان اقدم النجوم يصل عمرها الى حوالي 13 مليارد سنة. هذا يعني مجرتنا نشات بعد فترة قصيرة من الانفجار العظيم الذي جرى قبل حوالي 14 مليار سنة. في ذلك الوقت كان الكون اصغر مما هو عليه اليوم مما يعني حدوث العديد من الاصطدامات بين مايسمى protogalaxy التي تعتبر الشكل السابق للمجرات الحالية. هذا لوحده يكفي لاستنتاج ان الاصطدامات لعبت دورا رئيسيا في ولادة مجرة الشتاء.

الدليل الثاني المستخدم ان النجوم القديمة والنجوم اليافعة موجودة في مناطق منفصلة عن بعضها البعض كثيرا. اكثر النجوم القديمة نجدها في المنطقة المركزية، في حين النجوم اليافعة تتركز في الصفيحة. من هنا نستنتج ان المركز والقبة البالونية جرى نشوءهم اولا في حين نشات الصفيحة فيما بعد.

مع هذا الاستنتاج سيكون من الغرابة ان نعلم ان ليس جميع نجوم القبة البالونية هم نجوم قديمة. ونحن نعلم ان كثافة الغاز في هذه المنطقة لايكفي لنشوء نجوم يافعة. من هنا الاعتقاد ان اغلب النجوم اليافعة في القبة البالونية هي من بقايا المجرات القزمية الاخرى التي إبتلعتها مجرتنا وضمتها اليها. لذلك وعلى الرغم من ان القبة قديمة الا ان طور النشوء والتطور امتد لفترة طويلة.

إبتلاع مجرتنا لمجرات اخرى ظاهرة ليست نادرة انها تحدث الان بالضبط. مجرة درب التبانة تقوم الان بإبتلاع مجرة قريبة تسمى Sagittariusgalaxy. غير ا ن هذا الامر يحدث في الطرف الاخر من المجرة ويبعد عنا حوالي 80 الف سنة ضوئية، ولهذا السبب لم يتمكن الفلكيين من اكتشاف هذا الحدث الا في عام 1994. حسابات الفلكيين تشير الى ان الامر سيستغرق 100 مليون سنة اخرى حتى تزول اثار المجرة المبلوعة وتضيع نجومها في داخل مجرة التبانة.

كما هو الحال مع جميع المجرات الكبيرة توجد مجرات صغيرة تحيط بالمجرات الكبيرة. عندما تقترب المجرة الصغيرة من مجال جاذبية المجرة الكبيرة يصبح مصيرها لاشك فيه. المجرات القزمة تملك بضعة ملايين من النجوم ولذلك ينقصها الجاذبية الكافية لتحمي نفسها، لذلك فإن ابتلاعهم من قبل المجرات الاكبر امر سهل. بالرغم ذوبانهم في المجرات الاكبر الا انهم يتركون اثار يمكن ان تدل على هذا الحدث. نجوم المجرة يلاحقون بعضهم في مسيار مشترك يسمى بمجرى النجوم، starstream. الصور القادمة من القمر الاصطناعي الاوروبي Hipparchos اظهرت العديد من مجاري النجوم مما يكفي للاعتقاد بأن مجرة التبانة قد التهمت مالايقل عن خمسة مجرات قزمة ولربما العدد الكلي يصل الى خمسة عشر عبر حياتها الطويلة.

الدليل الثالث المستخدم هو حركة النجوم. في المنطقة المركزية والقبة البالونية تدور النجوم ببطء، في حين النجوم في الصفيحة يدورون بسرعة كبيرة حول المركز تصل الى 200-300 كيلومتر في الثانية. من هنا نرى ان مايسمى اللحظة النبضية عالي للصفيحة بالنسبة الى المنطقة المركزية والقبة البالونية.

هذا الامر من الصعب توضيحه من خلال نظرية إبتلاع مجرتنا لمجرات اخرى، لكون المجرات التي جرى ضمها وكونت مجرة الشتاء لابد انهم فقدوا القسم الاكبر من اللحظة النبضية. وعلى الضد يجب ان يكون الغاز الذي تتكون منه الصفيحة التي نشات عنها النجوم حافظت على لحظتها النبضية العالية بطريقة من الطرق، بعد إصطياد مجرة الشتاء لها.

في سعي الفلكيين لتفسير هذا الامر يقترح البعض ان المجرات القديمة protogalaxy، ببساطة فقدت قسم كبير من غازها نتيجة انفجار سوبرنوفا. في هذه الحالة تكون قد قذفت الى الخارج غاز حار غني بالمواد المشعة الثقيلة ، وكان من الحرارة الى درجة لم يكن بإمكان جاذبية المجرة ان تبقيه داخلها، وبهذا الشكل حافظت على مستوى سرعة دورانها. عن هذا الامر لازال الفلكيين يعلمون القليل.

الدليل الرابع نجده في المستقبل البعيد للمجرة. كافة القياسات تشير الى مجرة درب التبانة ستفقد بعض اذرعتها الحلزونية ويتغيير شكلها بعد بضعة مليارات من السنين. هذا الامر سيحدث عندما تصطدم مجرة جارة هائلة Andromedagalaxy, مع مجرتنا بعد ستة مليارات سنة. اندروميدا تبعد عنا مسافة 2،7 مليار سنة ضوئية، ولكون هذه المجرة بنفس حجم مجرتنا فلن يكون الامر ابتلاع بسيط كما يحدث الان بل اصطدام بكامل ابعاده.

دراسة مجموعة مجرية بعيدة اظهرت كيف كان شكل الكون قبل 3-4 مليارد سنة. في ذلك الوقت كان 30% من المجرات حلزونية تماما مثل مجرتنا اليوم. بقية المجرات كان لها الشكل البيضوي اي مجموعة كبيرة من النجوم بدون اذرع او غيمة كونية.

في مجموعات مجرية قريبة حيث الضوء انطلق في المليار سنة الماضية ، تشكل المجرات الحلزونية مالايزيد عن 5%. هذا الامر يشير الى ان المجرات الحلزونية ليست لديها القدرة على تحمل مثل هذه الاصطدامات، إذ من الواضح انهم يتحولون الى مجرة بيضوية بعد الاصطدام.

الاصطدام ذاته بين المجرتين سيحدث على امتداد بضعة ملايين من السنين لكون النجوم في المجرتين منتشرين على منطقة واسعة في حين ان الذي سيصطدم بالمعنى الفعلي للكلمة هو الغيمة الغازية والمنطقة الوسطى. هذا الاصطدام سيكون من العنف بحيث سيؤدي الى نشوء كمية هائلة من النجوم الجديدة ستملئ فضاء المجرة الجديدة. المجرة الجديدة من نوع starbustgalaxy وستحتوي على حوالي نصف بليون نجمة.
*********

منقول

هو انا تعبت جدا عشان اقراة بس طبعا دة علم والمفروض ميبقاش فى تعب انا بس اللى تعبنى اللون معلش يعنى بس هو فعلا رائع وشكرا جدا

انت اجبرتنى والله انى اقراه مع انى مش بحب القراءة
بس بجد افدتنى

موضوع رائع ومعلومات احلى
بكتير شكرا على موضوعك
يا شريف

روووووووووووووووووووووووووووعة ياشريف